مرابط الحق

مرابط الحق

من ذا يُنكر أن النفس البشرية جُبِلَت على الميل إلى لذّات الطعام والشراب ورغد العيش المترف؟ غير أنّ الحروب تكشف عن جوهرٍ آخر؛ إذ تتلاشى تلك الملذّات الزائلة، فلا يبقى إلا صراعٌ أعظم: جهاد النفس وتحدّي الطغاة. هنالك فقط يدرك المرء أنّ الرغبة الكبرى ليست في الامتلاك بل في الثبات، وأن اللذّة العظمى هي لذّة الانتصار على النفس قبل الانتصار على العدو.

وقد سبقنا إلى ذلك صحابة رسول الله الأعظم، محمد ﷺ، الذين قدّموا أرواحهم وأموالهم في سبيل الله غير هيّابين ولا متردّدين، فكانوا المثال الأعلى للبذل والفداء. فلا غرور
إذن أن نسمّي أهلنا الطيبين الطاهرين المرابطين اليوم «جيلَ صحابةٍ أشراف» لما قدّموه من تضحيات جسام لتجديد العقيدة الإسلامية الصحيحة، وحمل راية الحق خفّاقة في وجه الظلم والطغيان.

ثم إنّ الدلائلَ تشير إلى عظمة شأنهم في خضمّ ما لاقوه من خذلانٍ ملأه الخزي والعار؛ كأنّ الأمة العربية والإسلامية فقدت الأمل بنفسها وتخلّت عن عزّتها وكرامتها، فتركت مجاهديها العظماء عرضةً للريح. والمصيبة أعظم حين تستفيق الأمة من غمّتها وتبحث عن هؤلاء الأبطال الذين ما زالوا يعيشون تحت الركام مرفوعي الرأس. ولكن عزّنا في يقيننا بأن الله تعالى ناصرهم، وبإرادته الواحد الأحد الفرد الصمد سيتجلّى النصر؛ ينهزم الجمع ويولّون الأدبار. وبفضله سبحانه انتصرت غزة، ونجحت صمودًا وبلاءً في وجه المحن، فالنصر بيد الله وحده.

هل تعلم ما الذي يمكن أن تجنيه الأقلام من مقالات كتّاب المقاومة الذين دعموا ثقافة الصمود الفلسطينية؟ هذا النوع من التعبير تجسد بوضوح في شخصية حنظلة ابن ناجي العلي، الذي ظل يعكس معاناة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من مئة عام، بين الانتداب البريطاني وما تم وضعه عوضًا عنه من الحركة الصهيونية، التي ما زالت مستمرة في إبادة الشعب الفلسطيني منذ 77 سنة.

ولا يمكننا نسيان النصوص الأدبية الخالدة التي كتبها الشهيد البطل غسان كنفاني، وكذلك جهود كل من:

إبراهيم الصوص

إبراهيم طوقان

إحسان العمد

إدمون شحادة

إلياس صنبر
وغيرهم من أعلام فلسطين المظلومة.


ومن هنا، يجب أن تعود الأقلام مرارًا وتكرارًا إلى المحبرة، لإعادة شحن رأس الكتابة (المنقار) بالحبر أثناء الرسم أو الكتابة، ولشحذ الهمم العالية، ومنح فلسطين صورة واضحة للرفض الشعبي لكل الدول المتواطئة والمتخاذلة والمطبعة، حتى نصل إلى الهدف الأسمى للشعب الفلسطيني: التحرير والنصر.


✦ بقلم: س،ي



تعليقات

المشاركات الشائعة