حضارتتا المستمرة
ليس من المعيب تذكر كل ما يجعلك تفتخر بأصلك العربي المسلم وخصوصاً في هذه الأوقات الصعبة والظروف السيئة التي تعيش فيها الأمة العربية والإسلامية ككل فالأمل لا يأتي من خلف الكواليس بل يأتي من تاريخ مازال حاضرا في اقتصاد من لا يحب الاسلام والمسلمين فعلى سبيل المثال اسبانيا معظم اقتصادها من حضارة الأندلس التي مازالت مستمرة حتى الآن رغماً عن أنف كل مستبد ناكر لحضارة أضاءت بعلمها كل أوروبا التي كانت تغرق في ظلمات الجهل هذه حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها
ان فتح الأندلس من أعظم فتوحات المسلمين عبر التاريخ، وكانت بداياته معلمًا من معالم الحضارة في الإنسانية بصورة عامة والإسلام فيما بعد بصورة خاصة، حيث غير هذا الفتح وجه العالم، وكان بذرة لنقلات حضارية أحدث تغييرات جذرية على الكرة الأرضية، سواء أكان ذلك في العلوم أم الآداب أم المعمار؛ وهذا لأن طريق العالم كله اختلف بعد فتح الأندلس الذي يمثل أكثر الأماكن التي انتشرت فيها الحركة العلمية الإسلامية، وظهر فيها علماء في كل مجالات الشريعة والحياة، مثل الزهراوي، وابن رشد، وعلماء آخرون في الجغرافيا، والفلك، والهندسة. فكل هذه العلوم نمت في الأندلس بشكل بارز جدًّا، وانتقلت من الأندلس إلى أوروبا، وعلى أكتاف هذه العلوم قامت الحضارة الأوروبية الحديثة في القرنين: السادس والسابع عشر.
لقد علم المسلمون في الأندلس الأوروبيين مبادئ السلوك الراقي، ويكفي أن الأوروبيين الموجودين في شمال إسبانيا قبل دخول الإسلام كانوا لا يغتسلون إلا مرة أو اثنتين في السنة، لا يغتسل ويعتبر ذلك من البركة! إلى أن وجد المسلم يتوضأ خمس مرات في اليوم ويغتسل في مناسبات عديدة تبلغ أكثر من 18 غُسلاً.
انتقلت هذه النظافة إلى أوروبا وغيرت سلوكيات الأوروبيين، كما انتقل التعامل بالرحمة بين أفراد الأسرة إلى أوروبا، وبدأت الأسرة الأوروبية تتأثر بالجو الإسلامي، وحتى النظام والإضاءة في الشوارع ونظام الري والصرف في الزراعة. انتقلت الحياة اليومية للمسلمين إلى أوروبا بعد دخول الإسلام لأرض الأندلس.
تغيرت قصة الأندلس بعد دخول الإسلام، فأصبح الأندلس بلدًا راقيًا متحضِّرًا، وبعد حوالي مائتي سنة أصبح الأندلس الدولة الأولى في العالم في عهد عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- والذي أعلن الخلافة الأموية في الأندلس، وأصبح أعظم ملوك أوروبا في القرون الوسطى بلا منازع لدرجة أن الإسبان سنة 1961م احتفلوا بمرور ألف سنة على وفاته اعترافًا بفضله على الحضارة الإسبانية والأوربية.
ولكن كالعادة، لكل شيء إذا ما تم نقصان، وحينما أخذ المسلمون بأسباب الرفعة والنهضة والانتصار كانوا في مقدمة الأمم، وحينما تناسوا أسباب القوة، ومعالم العظمة تضعضع ملكهم، وزالت سطوتهم، وأبدلهم الله من بعد عزهم ذلاً ومن بعد قوتهم ضعفًا، ومن بعد نصرهم هزيمة، فنزعت مهابتهم من قلوب أعدائهم، وأصابهم الوهن، وزال ملكهم عن مملكة الأندلس، وعادت إسبانيا من جديد ترضخ تحت حكم النصارى وتحكمهم واضطهادهم، حتى أبادوا من فيها من المسلمين، بل ومارسوا أبشع الوسائل في قتلهم وتعذيبهم والتنكيل بكبيرهم وصغيرهم، حتى ضرب المثل بمحاكم التفتيش الصليبية في الأندلس على البشاعة والدموية
لن ننسى ولن ندع الأيام المقبلة تمر سدى بل سنبقى نذكر حضارتنا التي جعلت الأمم تعيش الرقي والازدهار في هذه الحياة.
ابو عبدالله
تعليقات
إرسال تعليق