ليلة الاسراء والمعراج معجزة الكون في البداية والنهاية
ليلة الاسراء والمعراج
أعظم معجزة تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى،انها ليست مجرد ليلة فحسب وإنما هي بمثابة تغيير جذري لحالة البشر
لم يدّخر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- طوال عشر سنين أيّ جهدٍ في سبيل نشر الدعوة التي أنزلها الله -تعالى- عليه إلا وسلك كلّ طريقٍ يظنّ أنّه سبيلٌ لهداية قومه ونقلهم من الشرك إلى التوحيد، وبالرغم من عظم محاولات النبي مع قومه، إلّا أنّهم لم يقابلونه إلّا بكلّ إساءةٍ واستهزاءٍ وتعذيبٍ، وما زاد على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صعوبة أيامه وشدّة كربه وفاة عمّه أبي طالب؛ وهو من كان يذبّ عن النبي الأذى، ويحميه، وإضافة إلى ذلك توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها؛ مؤنسته، وداعمته.
خرج النبي ليدعو أهل الطائف، فكان استقبالهم للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- أسوء استقبالٍ، فقد استهزءوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وألحقوا به الأذى، حتى سال الدم من قدميه الشريفتين، فعظُم حزن النبي صلّى الله عليه وسلّم، واشتدّ كربه، وفي تلك الأوقات العصيبة جاءت رحلة الإسراء والمعراج؛ لتكون تعويضاً وإيناساً للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- عمّا لقيه من أهل الأرض، وتُعرف الإسراء بأنّها الرحلة التي سارها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بالقدس الشريف، وأمّا لفظ المعراج فهو ما أعقب رحلة الإسراء من العروج إلى السماوات العُلا. أحداث ليلة الإسراء والمعراج بدأت أحداث ليلة الإسراء والمعراج حينما كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- نائماً، فأتاه آتٍ، فشقّ قلبه، وأخرجه وملأه حكمةً وإيماناً، ثمّ جاءت دابةٌ عظيمةٌ تسمّى البراق؛ لتحمل النبي والملك جبريل -عليهما السلام- في رحلتهما، فانطلقت بهما إلى بيت المقدس، ودابة البراق سريعةٌ جداً، حيث كانت تضع خطواتها عند منتهى نظرها، فدخل النبي المسجد الأقصى، فلقي جميع الأنبياء، فأمّهم بركعتين، ثمّ خرج بعد ذلك، فإذا بجبريل -عليه السلام- يخيّره ب84
كأسين؛ أحدهما الخمر، والآخر فيه لبنٌ، فاختار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اللبن، فأخبره جبريلٌ بأنّه قد اختار الفطرة.
بدأت بعد ذلك رحلة المعراج، فانطلق النبي وجبريل -عليهما السلام- إلى السماء الأولى، فاستفتحا فأُذن لهما، فإذا هو النبي آدم عليه السلام، فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ انطلقا إلى السماء الثانية، واستفتحا فأُذن لهما، فكان فيها نبيا الله عيسى ويحيى بن زكريا، فسلّما عليهما، فردّا السلام مرحّبين بهما، ثمّ عرج النبي إلى السماء الثالثة، وكذا كان في الاستقبال نبي الله يوسف، وفي السماء الرابعة كان نبي الله إدريس، ثمّ في السماء الخامسة كان نبي الله هارون عليه السلام، وفي السماء السادسة كان موسى عليه السلام، ثمّ إذا استأذنا في السماء السابعة، فإذا فيها إبراهيم عليه السلام، وكان مُسنداً ظهره إلى البيت المعمور؛ وهو بيتٌ يدخله كلّ يومٍ سبعون ألف ملكٍ، لا يعودون إليه.
بعد اكتمال المعراج في السماوات السبع، انتقل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى سدرة المنتهى، فبدا شكلها غايةً في الحُسن؛ وذلك ممّا تغشّاها من أمر الله ما تغشّاها، وهناك أوحى الله -تعالى- لعبده فرض خمسين صلاةً في كلّ يومٍ وليلةٍ، فنزل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى موسى، فقال له موسى أن ارجع إلى ربّك؛ فيخفّف عنك، فإنّ أمّتك لا تطيق خمسين فرضاً في اليوم والليلة، فعاد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يسأل ربه أن يخفّف عنه، فوضع الله -تعالى- منها عشراً، وما زال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يطلب منه مزيداً من التخفيف، حتى بلغ عدد الصلوات خمس فرائض في اليوم والليلة.
دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج أراد الله -تعالى- إيصال العديد من الدروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج ، وفيما يأتي بيان بعضها
الاطلاع على قدرة الله -تعالى وبديع خلقه، ففي قطع المسافة بين القدس ومكة في ليلةٍ واحدةٍ والمعراج إلى السماوات ثمّ العودة؛ دلالةٌ على قدرة الله تعالى، ولذلك فقد أثار ذلك الكثير من الجدل مع الكفار، وأثار لديهم تساؤلاتٍ كثيرةٍ، وكذلك فإنّ ممّا يدركه المسلم حين يعرف تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، حكمة الله تعالى، ويطمئن المسلم أيضاً بأنّ ربّه -عزّ وجلّ- لن يكله إلّا لخير وصلاح أمره في الدنيا والآخرة إذا اتصل فيه وأطاعه. مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، فقد توثّقت علاقة المسجد الاقصى بالاسلام، وذلك في ليلة الاسراء والمعراج، حيث إنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان إماماً الأنبياء في المسجد الأقصى، فكان المسجد الأقصى قبلة الأنبياء قبل مجيء النبي صلّى الله عيله وسلّم، والقبلة التي صلّى إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يتم تغيّرها إلى مكة، والمسجد الاقصى المسجد الثالث الذي تشدّ إليه الرحال، كما ذكر النبي صلّى الله عيله وسلّم. التأكيد على أنّ الرسالات كلّها من عند الله الواحد، ومُبتغاها واحدٌ؛ وهو عبادة الله وتوحيده، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ).[٤] الإسلام دين الفطرة، ففي تخيير جبريل للنبي -عليهما السلام- للنبي بين الخمر واللبن، واختيار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للبن؛ دلالةٌ على أنّ الدين دينٌ يتماشى مع فطرة الإنسان، ويوازن بين المصالح والمفاسد، وبين الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة، وذلك من أهم الأسباب التي تجعل الإسلام ينتشر بسرعةٍ وسهولةٍ بين الناس؛ فيُقبلون عليه. مكانة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العظيمة، إذ وصل النبي مكاناً في السماوات العلا، لم يصله بشرٌ من قبله؛ وهو سدرة المنتهى، وذلك تشريفٌ ورفعةٌ للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
حيث تأتي هذه الذكرى ونحن في أمس الحاجة إلى رحمة الله سبحانه وتعالى لأنه الرحمة المرسلة من رب العالمين
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
نمر بها ومساجدنا مغلقة وقلوبنا مقهورة فلا نجد سوى الدعاء لله سبحانه وتعالى أن يفرج عنا وأن يتم ما كتب الله لنا ولكم بالخير واليمن والصحة والسلامة والخلاص من وباء كورونا وتحرير بيت المقدس بإذن الله سبحانه وتعالى، كيف تضيع بلدا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بها في رحلة الاسراء ودعا لها...
....
ففي رحلة الاسراء وفي مشهد مؤثِّر مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم -كما جاء في رواية مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه- على قبر موسى عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَيْتُ -وَفِي رِوَايَةِ هَدَّابٍ: مَرَرْتُ- عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ".
وحدَّدت رواية للبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مكان هذا القبر بشكل أكبر؛ وذلك عندما نقل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب موسى عند موته، فقال: "فَسَأَلَ -أي موسى- اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ". قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأَحْمَرِ".
فالقبر على هذا الوصف في أرض سيناء المصرية، في شمالها الشرقي؛ وذلك على حدود الأرض المقدسة فلسطين، وكان موسى عليه السلام يشتاق إلى تنفيذ أمر ربِّه بدخول الأرض المقدسة، إلا أن قومه خذلوه، فكتب اللهُ عليهم التيه في سيناء أربعين سنة كاملة؛ قال تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26]، فلما جاء موعد موت موسى عليه السلام طلب من الله أن يُدنيه من الأرض التي يحبُّ، فأجاب الله دعاءه، وهو تذكير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأُمَّته بعاقبة التخاذل عن أمر الله؛ ومن هنا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم التذكير لأُمَّته بأمر الأرض المقدَّسة، وتحقيق ما تخلَّف بنو إسرائيل عن فعله؛ وقد بشَّر أن فتح بيت المقدس سيكون قريبًا، فقد روى عوف بن مالك، قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تبوك وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ...". فأشار إلى أن فتح بيت المقدس سيكون قريبًا من موته صلى الله عليه وسلم؛ فليحْذَر المسلمون أن يُكَرِّروا خطيئة بني إسرائيل.
وصلي الرسول صلي الله عليه وسلم في ارض سيناء المباركه..
ففي رحلة الاسراء انطلق البُراقُ إلى المسجدِ الأقصى يسوقُهُ جبريل، فأنزَلَهُ طيبَةَ، فصلَّى بها، وأخبرهُ ما يكونُ من هجرتِه إليها، ثمَّ أنزلَهُ طورَ سيناءَ؛ حيثُ كلَّمَ الله موسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى بهِ، ثمَّ أنزَلهُ بيتَ لحم مولِدَ عيسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى فيها، ثمَّ دنا بهِ إلى بيتِ المقدِسِ فأنزَلهُ بابَ المَسجِدِ، ورَبَطَ البراقَ بالحلقةِ التي كان يربط بها الأنبياءُ، ثمَّ دخلَ المسجد ليَلتقي أنبياءَ الله المبعوثينَ قبلَه، فسلَّموا عليهِ، وصلّى بهم ركعتَين.
وبعدها تبدأ أحداثُ رحلة المعراجِ.
والعلم عند الله سبحانه وتعالى بات واضحا مايحدث لأن أكثر الأحاديث التي تضج مضاجع الظالمين ويعلمون نهايتهم
حديث نبوي شريف:
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ عَوْفٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ ادْخُلْ قَالَ قُلْتُ كُلِّي أَوْ بَعْضِي قَالَ بَلْ كُلُّكَ قَالَ يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَوَّلُهُنَّ مَوْتِي قَالَ فَاسْتَبْكَيْتُ حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْكِتُنِي قَالَ قُلْتُ إِحْدَى وَالثَّانِيَةُ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قُلْتُ اثْنَيْنِ وَالثَّالِثَةُ مُوتَانٌ يَكُونُ فِي أُمَّتِي يَأْخُذُهُمْ مِثْلَ قُعَاصِ الْغَنَمِ قَالَ ثَلَاثًا وَالرَّابِعَةُ فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي أُمَّتِي وَعَظَّمَهَا قُلْ أَرْبَعًا وَالْخَامِسَةُ يَفِيضُ الْمَالُ فِيكُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطَى الْمِائَةَ دِينَارٍ فَيَتَسَخَّطُهَا قُلْ خَمْسًا وَالسَّادِسَةُ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ عَلَى ثَمَانِينَ غَايَةً قُلْتُ وَمَا الْغَايَةُ قَالَ الرَّايَةُ تَحْتَ كُلِّ رَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا الْغُوطَةُ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ. اللهم تلطف بنا أنت تعلم بحالنا سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا.
اللهم غفرانك نستغفرك ونتوب إليك.
أعظم معجزة تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى،انها ليست مجرد ليلة فحسب وإنما هي بمثابة تغيير جذري لحالة البشر
لم يدّخر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- طوال عشر سنين أيّ جهدٍ في سبيل نشر الدعوة التي أنزلها الله -تعالى- عليه إلا وسلك كلّ طريقٍ يظنّ أنّه سبيلٌ لهداية قومه ونقلهم من الشرك إلى التوحيد، وبالرغم من عظم محاولات النبي مع قومه، إلّا أنّهم لم يقابلونه إلّا بكلّ إساءةٍ واستهزاءٍ وتعذيبٍ، وما زاد على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صعوبة أيامه وشدّة كربه وفاة عمّه أبي طالب؛ وهو من كان يذبّ عن النبي الأذى، ويحميه، وإضافة إلى ذلك توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها؛ مؤنسته، وداعمته.
خرج النبي ليدعو أهل الطائف، فكان استقبالهم للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- أسوء استقبالٍ، فقد استهزءوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وألحقوا به الأذى، حتى سال الدم من قدميه الشريفتين، فعظُم حزن النبي صلّى الله عليه وسلّم، واشتدّ كربه، وفي تلك الأوقات العصيبة جاءت رحلة الإسراء والمعراج؛ لتكون تعويضاً وإيناساً للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- عمّا لقيه من أهل الأرض، وتُعرف الإسراء بأنّها الرحلة التي سارها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بالقدس الشريف، وأمّا لفظ المعراج فهو ما أعقب رحلة الإسراء من العروج إلى السماوات العُلا. أحداث ليلة الإسراء والمعراج بدأت أحداث ليلة الإسراء والمعراج حينما كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- نائماً، فأتاه آتٍ، فشقّ قلبه، وأخرجه وملأه حكمةً وإيماناً، ثمّ جاءت دابةٌ عظيمةٌ تسمّى البراق؛ لتحمل النبي والملك جبريل -عليهما السلام- في رحلتهما، فانطلقت بهما إلى بيت المقدس، ودابة البراق سريعةٌ جداً، حيث كانت تضع خطواتها عند منتهى نظرها، فدخل النبي المسجد الأقصى، فلقي جميع الأنبياء، فأمّهم بركعتين، ثمّ خرج بعد ذلك، فإذا بجبريل -عليه السلام- يخيّره ب84
كأسين؛ أحدهما الخمر، والآخر فيه لبنٌ، فاختار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اللبن، فأخبره جبريلٌ بأنّه قد اختار الفطرة.
بدأت بعد ذلك رحلة المعراج، فانطلق النبي وجبريل -عليهما السلام- إلى السماء الأولى، فاستفتحا فأُذن لهما، فإذا هو النبي آدم عليه السلام، فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ انطلقا إلى السماء الثانية، واستفتحا فأُذن لهما، فكان فيها نبيا الله عيسى ويحيى بن زكريا، فسلّما عليهما، فردّا السلام مرحّبين بهما، ثمّ عرج النبي إلى السماء الثالثة، وكذا كان في الاستقبال نبي الله يوسف، وفي السماء الرابعة كان نبي الله إدريس، ثمّ في السماء الخامسة كان نبي الله هارون عليه السلام، وفي السماء السادسة كان موسى عليه السلام، ثمّ إذا استأذنا في السماء السابعة، فإذا فيها إبراهيم عليه السلام، وكان مُسنداً ظهره إلى البيت المعمور؛ وهو بيتٌ يدخله كلّ يومٍ سبعون ألف ملكٍ، لا يعودون إليه.
بعد اكتمال المعراج في السماوات السبع، انتقل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى سدرة المنتهى، فبدا شكلها غايةً في الحُسن؛ وذلك ممّا تغشّاها من أمر الله ما تغشّاها، وهناك أوحى الله -تعالى- لعبده فرض خمسين صلاةً في كلّ يومٍ وليلةٍ، فنزل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى موسى، فقال له موسى أن ارجع إلى ربّك؛ فيخفّف عنك، فإنّ أمّتك لا تطيق خمسين فرضاً في اليوم والليلة، فعاد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يسأل ربه أن يخفّف عنه، فوضع الله -تعالى- منها عشراً، وما زال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يطلب منه مزيداً من التخفيف، حتى بلغ عدد الصلوات خمس فرائض في اليوم والليلة.
دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج أراد الله -تعالى- إيصال العديد من الدروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج ، وفيما يأتي بيان بعضها
الاطلاع على قدرة الله -تعالى وبديع خلقه، ففي قطع المسافة بين القدس ومكة في ليلةٍ واحدةٍ والمعراج إلى السماوات ثمّ العودة؛ دلالةٌ على قدرة الله تعالى، ولذلك فقد أثار ذلك الكثير من الجدل مع الكفار، وأثار لديهم تساؤلاتٍ كثيرةٍ، وكذلك فإنّ ممّا يدركه المسلم حين يعرف تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، حكمة الله تعالى، ويطمئن المسلم أيضاً بأنّ ربّه -عزّ وجلّ- لن يكله إلّا لخير وصلاح أمره في الدنيا والآخرة إذا اتصل فيه وأطاعه. مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، فقد توثّقت علاقة المسجد الاقصى بالاسلام، وذلك في ليلة الاسراء والمعراج، حيث إنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان إماماً الأنبياء في المسجد الأقصى، فكان المسجد الأقصى قبلة الأنبياء قبل مجيء النبي صلّى الله عيله وسلّم، والقبلة التي صلّى إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يتم تغيّرها إلى مكة، والمسجد الاقصى المسجد الثالث الذي تشدّ إليه الرحال، كما ذكر النبي صلّى الله عيله وسلّم. التأكيد على أنّ الرسالات كلّها من عند الله الواحد، ومُبتغاها واحدٌ؛ وهو عبادة الله وتوحيده، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ).[٤] الإسلام دين الفطرة، ففي تخيير جبريل للنبي -عليهما السلام- للنبي بين الخمر واللبن، واختيار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للبن؛ دلالةٌ على أنّ الدين دينٌ يتماشى مع فطرة الإنسان، ويوازن بين المصالح والمفاسد، وبين الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة، وذلك من أهم الأسباب التي تجعل الإسلام ينتشر بسرعةٍ وسهولةٍ بين الناس؛ فيُقبلون عليه. مكانة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العظيمة، إذ وصل النبي مكاناً في السماوات العلا، لم يصله بشرٌ من قبله؛ وهو سدرة المنتهى، وذلك تشريفٌ ورفعةٌ للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
حيث تأتي هذه الذكرى ونحن في أمس الحاجة إلى رحمة الله سبحانه وتعالى لأنه الرحمة المرسلة من رب العالمين
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
نمر بها ومساجدنا مغلقة وقلوبنا مقهورة فلا نجد سوى الدعاء لله سبحانه وتعالى أن يفرج عنا وأن يتم ما كتب الله لنا ولكم بالخير واليمن والصحة والسلامة والخلاص من وباء كورونا وتحرير بيت المقدس بإذن الله سبحانه وتعالى، كيف تضيع بلدا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بها في رحلة الاسراء ودعا لها...
....
ففي رحلة الاسراء وفي مشهد مؤثِّر مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم -كما جاء في رواية مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه- على قبر موسى عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَيْتُ -وَفِي رِوَايَةِ هَدَّابٍ: مَرَرْتُ- عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ".
وحدَّدت رواية للبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مكان هذا القبر بشكل أكبر؛ وذلك عندما نقل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب موسى عند موته، فقال: "فَسَأَلَ -أي موسى- اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ". قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأَحْمَرِ".
فالقبر على هذا الوصف في أرض سيناء المصرية، في شمالها الشرقي؛ وذلك على حدود الأرض المقدسة فلسطين، وكان موسى عليه السلام يشتاق إلى تنفيذ أمر ربِّه بدخول الأرض المقدسة، إلا أن قومه خذلوه، فكتب اللهُ عليهم التيه في سيناء أربعين سنة كاملة؛ قال تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26]، فلما جاء موعد موت موسى عليه السلام طلب من الله أن يُدنيه من الأرض التي يحبُّ، فأجاب الله دعاءه، وهو تذكير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأُمَّته بعاقبة التخاذل عن أمر الله؛ ومن هنا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم التذكير لأُمَّته بأمر الأرض المقدَّسة، وتحقيق ما تخلَّف بنو إسرائيل عن فعله؛ وقد بشَّر أن فتح بيت المقدس سيكون قريبًا، فقد روى عوف بن مالك، قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تبوك وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ...". فأشار إلى أن فتح بيت المقدس سيكون قريبًا من موته صلى الله عليه وسلم؛ فليحْذَر المسلمون أن يُكَرِّروا خطيئة بني إسرائيل.
وصلي الرسول صلي الله عليه وسلم في ارض سيناء المباركه..
ففي رحلة الاسراء انطلق البُراقُ إلى المسجدِ الأقصى يسوقُهُ جبريل، فأنزَلَهُ طيبَةَ، فصلَّى بها، وأخبرهُ ما يكونُ من هجرتِه إليها، ثمَّ أنزلَهُ طورَ سيناءَ؛ حيثُ كلَّمَ الله موسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى بهِ، ثمَّ أنزَلهُ بيتَ لحم مولِدَ عيسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى فيها، ثمَّ دنا بهِ إلى بيتِ المقدِسِ فأنزَلهُ بابَ المَسجِدِ، ورَبَطَ البراقَ بالحلقةِ التي كان يربط بها الأنبياءُ، ثمَّ دخلَ المسجد ليَلتقي أنبياءَ الله المبعوثينَ قبلَه، فسلَّموا عليهِ، وصلّى بهم ركعتَين.
وبعدها تبدأ أحداثُ رحلة المعراجِ.
والعلم عند الله سبحانه وتعالى بات واضحا مايحدث لأن أكثر الأحاديث التي تضج مضاجع الظالمين ويعلمون نهايتهم
حديث نبوي شريف:
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ عَوْفٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ ادْخُلْ قَالَ قُلْتُ كُلِّي أَوْ بَعْضِي قَالَ بَلْ كُلُّكَ قَالَ يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَوَّلُهُنَّ مَوْتِي قَالَ فَاسْتَبْكَيْتُ حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْكِتُنِي قَالَ قُلْتُ إِحْدَى وَالثَّانِيَةُ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قُلْتُ اثْنَيْنِ وَالثَّالِثَةُ مُوتَانٌ يَكُونُ فِي أُمَّتِي يَأْخُذُهُمْ مِثْلَ قُعَاصِ الْغَنَمِ قَالَ ثَلَاثًا وَالرَّابِعَةُ فِتْنَةٌ تَكُونُ فِي أُمَّتِي وَعَظَّمَهَا قُلْ أَرْبَعًا وَالْخَامِسَةُ يَفِيضُ الْمَالُ فِيكُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطَى الْمِائَةَ دِينَارٍ فَيَتَسَخَّطُهَا قُلْ خَمْسًا وَالسَّادِسَةُ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ عَلَى ثَمَانِينَ غَايَةً قُلْتُ وَمَا الْغَايَةُ قَالَ الرَّايَةُ تَحْتَ كُلِّ رَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا الْغُوطَةُ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ. اللهم تلطف بنا أنت تعلم بحالنا سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا.
اللهم غفرانك نستغفرك ونتوب إليك.
تعليقات
إرسال تعليق